الأخبار والمقالات
خاطرة أهديها لكل مسلم… من الدكتور ايمن البدارين
خاطرة أهديها لكل مسلم…
إن السعادة تكمن في متعه الإنجاز، وفرحة العمل المبدع، ونشوة التجديد، وراحة من علم باق ينتفع به أو مصلحة دائمة للأمة ترتقي بها، فتكون صدقة جارية تعلو بها… فعمرك الإنتاجي لا الزمني… فلا تقس عمرك بما قطعت من أوقات، بل بما أنتجت من إبداعات… لا بما فات ومات، بل بما أنجزت وما ستنجز فيما هو آت… فكم من صغار الأعمار كبار الأعمال، وكم من كبار الأعمار أطفال في الأفعال، فالعبرة بالإعمار لا الأعمار… فإن سئلت عن عمرك ولم تنجز في حياتك شيئاً فأنت في حكم الميت، بل ميت حقيقة في حياة الإبداع… فالإنجاز هو الفارق بين الإنسان والدواب، فالبهائم تأكل وتشرب وتتزوج وتعمل وتنام وتنجب… فالفرق فيما تلونه من إبداعات في سماء المجد وفضاء السؤدد، وما تحفره من إنجازات في جدار الزمن!!! وما ترسمه من تغيير على لوحة التاريخ، وما تكتبه من آثار في دفتر الأيام…
فهل حفرت اسمك في علياء المجد، وسماء الإبداع، وسحاب الإنتاج، ونجوم القيادة، وشمس العمل، أم تجرعت مرارة الفشل، وركبت قطار التقاعس والملل، مع فطائر متخمة بالكسل، وأحلام يقظة لا عمل يحقق الأمل!!!
لا تقل: إني أعمل!، ولكن قل: هل أبدعت في عملي؟ هل كنت لبنة صالحة في بناء الأمة؟ هل كان لعملي أثر على غيري؟ أم هو مجرد عمل أقتات منه لا أكثر كما تقتات الدواب من سعيها؟!
قف ساعة تأمل… راجع فيها مسار حياتك… واندم على ما فات… وعاهد الله على الجد والعمل والإنجاز والتغيير فيما هو آت… وافتح صفحة جديدة مع المستقبل… وحدد موقعك بين بنَّائِي الأمَّة الْوَلْهى، لا بين معاول هدمها أو في غثاء سيلها.
فابحث عن السعادة في إسعاد غيرك وأمتك لتجد سعادة ذاتك، وافرح لإنجازاتك لا لإجازاتك، ولعملك لا لكسلك، ولتوكلك لا لتواكلك، ولتحقيق آمالك لا لأضغاث أحلامك. واجعل حاديك وشعارك (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إلى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة: 105] فاعمل لإله يراك، ورب يرعاك، لا لدنيا عمياء ترعاها ولا ترعاك.
أرسل لي أحد تلامذتي النجباء رسالة يشكو فيها واقع الأمة الأليم قال فيها:
لا تسألِ العين الحزيــ نة كيف أدمتها المُقلْ
لا تسألِ النجم البعيــ د بأي سِرٍ قد أَفل؟!
مهما توارى الحُلم في عيني وأرَّقني الأجل
ما زلت أَلمح في رَما د العمر شيئاً من أمل
فنظمت أبياتاً أحثه على العمل وأبث فيه الأمل أجبته بها:
بل سائلِ الأيدي الرَّزِيـ نـةَ كيف أتعبها العمـلْ
أو سائلِ النَّفْس الأَبِيـــ يَـةَ تَـرْتَقي قِمَمَ الجبـل
إنـا دعـــاةُ الحــــقِّ لا نـنـسـى مـن الله الأمل
نحن الرَّواحِل نرتـجي عوناً من الباري الأجـل
الدكتور أيمن عبد الحميد البدارين
المصد: كتاب فتاوى معاصرة (2)، تأليف الدكتور ايمن عبد الحميد البدارين، دار النور المبين، عمان، الأردن، ط1، 2017م، ص11-12
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.